في قلب أمدرمان، المدينة التي خطّت أروع ملاحم التحرير والصمود، حلّ وفد عسكري رفيع بقيادة العميد بدرالدين عشر، في زيارة حملت معها رسائل دعم وإشادة، وتوجيهات حاسمة. لم تكن الزيارة مجرد تفقد روتيني، بل كانت وقفة مع القوات التي أثبتت جدارتها في المعركة، على رأسها أبطال الكتيبة الرابعة عشرة، حيث كان المشهد مهيبًا والكلمات تحمل وزن المرحلة الحالية.
خاطب العميد بدرالدين جموع منسوبي الكتيبة الرابعة عشرة في قطاع أمدرمان، بقيادة العقيد النور هارون داؤد، مستهلاً حديثه بإشادة مدوية بالمواقف البطولية التي سطرها أفراد الكتيبة، إلى جانب الكتيبة العاشرة والكتيبة 313، تحت قيادة اللواء التوم حامد توتو. أكد العميد أن هذه القوات، التي أُعِدت مبكرًا بتدريب وتأهيل نوعي، قد أظهرت قدرات قتالية فائقة ودورًا محوريًا في عمليات التحرير الواسعة التي شهدتها ولاية الخرطوم، بالتعاون مع القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى. وصف أداء هذه القوات بأنه كان موضع إشادة وتقدير من الجميع، لما اتسم به من كفاءة قتالية عالية وانضباط عسكري منقطع النظير.
لم يخلُ خطاب العميد من رسائل حاسمة على صعيد التحديات الراهنة. فقد شدد على أن هناك جهات تعمل بصورة ممنهجة على إثارة الفتن، عبر ارتباطات وتحالفات تخدم العدو مؤقتًا. تسعى هذه الجهات، في محاولات يائسة، إلى تحجيم الدور المحوري الذي لعبته القوات المشتركة، وتغليب لغة العنصرية والجهوية البغيضة. لكن العميد أكد أن هذه الأصوات المأجورة، ذات الأهداف المصلحية، لن تنجح في صرف انتباه القوات المشتركة عن مهمتها الأساسية في استرداد كل شبر من أرض السودان المغتصبة، مشيرًا إلى أن معنويات القوات عالية جداً وتعانق السماء. وفي سياق متصل، وجّه العميد تحذيراً شديد اللهجة بخصوص أي تدخل أجنبي سافر، خاصة في منطقة "المثلث"، مؤكداً أن الرد سيكون عنيفاً للغاية، وأن "الغزاة وحلفاءهم الجنجويد" لن يصمدوا أمام "جحافل القوات الوطنية بمختلف مسمياتها". من جانبه، ثمّن العقيد النور هارون داؤد، قائد الكتيبة الرابعة عشرة، هذه الزيارة التي اعتبرها دفعة معنوية قوية لمنتسبي الكتيبة، مؤكداً أن القوة على أتم الاستعداد لخوض أي عمليات لتحرير أي شبر من البلاد.
بهذه الزيارة والكلمات النارية، تتأكد جاهزية القوات المشتركة وعزمها على المضي قدماً في استكمال مهامها، في وقت تتزايد فيه التحديات داخلياً وخارجياً. فهل تحمل الأيام القادمة عمليات جديدة على الأرض، أم ستكون المواجهة مع مثيري الفتن والتدخلات الخارجية هي الأبرز؟ سؤال تبقى إجابته معلقة بتطورات المشهد العسكري والسياسي في السودان.